الرأي المفيد

أمينة خيري تكتب: آفة العنصر البشرى

 

هذه ليست محاولة قفز على نتائج تقارير لم تصدر بعد أو توجيه أصابع اتهامات أو تحديد مسؤوليات. فلكل حادث حديث، ولكل مأساة قطار أسباب. وبعيداً عن الأسباب الكلاسيكية المتعلقة بقدم المنظومة، أو اعتبار الصيانة بديلاً عن التحديث، وضعف التمويل وغيرها، أود أن أتطرق إلى العامل البشرى، وما أدراكم ما العامل البشرى. نحو 75 فى المائة من حوادث السير فى مصر سببها العنصر البشرى بين جنون قيادة وعدم إلمام بقواعد المرور وسير عكسى وعدم تطبيق القوانين الخاصة بتعدى السرعات والقيادة الجنونية وترك المركبات غير المرخصة أو تلك التى يقودها أطفال… إلخ ترتع فى شوارع المحروسة.

ونسبة معتبرة من العمارات التى تسقط على رؤوس قاطنيها تقتلهم وتشردهم بسبب عيوب هندسية فى البناء، ومخالفات تشييد، وبناء مخالف، أى أن العنصر البشرى طاغ. ولا أظن أن الوضع يختلف كثيراً فى السكك الحديدية وحوادث قطاراتها القاتلة. العنصر البشرى يلقى بظلاله الوخيمة الثقيلة. هل العمل فى الورش يحدث على خير وجه؟ هل أعمال الصيانة تجرى بما يرضى الله؟ هل تخضع عربات القطارات للمراجعة فى المرحلة بين انتهاء الصيانة وبدء العمل؟ هل يتم كتابة تقارير المراجعة بإخلاص وبعيداً عن مبدأ «كلشنكان»؟ هل الجميع- أو فلنقل الغالبية- من العمال والموظفين تقوم بعملها دون كلفتة أو لكلكة؟ هل مثلاً يترك أحدهم مكانا ليصلى أو ليشترى طعام الإفطار أو ليطالع فيديو على هاتفه المحمول «لأن الدنيا لن تطير فى تلك الدقائق»؟! هل الركاب لا يسيرون على القضبان الحديدية؟.

(وعلينا ألا ننسى التوك توك الذى كيان يهيم على وجهه على قضبان القطار قبل أيام) هل مازال الركاب «يسطحون» على سطاح القطارات؟ وهل هناك من يخوض مغامرة ليبهر أصدقاءه فينام أسفل القطار أثناء سيره؟ وهل بيننا من يجرى على سطح القطار ويقفز منه على كوبرى المشاة بينما يصور نفسه بهاتفه المحمول؟ هل هناك من الركاب من يشد فرامل الهواء أثناء سير القطار؟ وهل بيننا من يقتحم المزلقان رغم التنبيه بأن قطاراً يوشك على المرور لأنه جدع وفهلوى والانصياع لأوامر التوقف تنال من رجولته وقوته؟ حين تكتب وكالات الأنباء العالمية أن «مصر تشهد بصورة متكررة حوادث قطارات ومرور مأساوية بسبب فوضى تعم الطرقات والإهمال فى الصيانة وضعف المراقبة أو غيابها».

هل سنتهمها بتشويه صورة مصر أم سنتهم أنفسنا بتجاهل آفتنا؟ وارد أن تكون هناك أياد خفية عابثة، فممرات «رابعة» الآمنة ترمز لمن مر منها ويعيش بيننا ويعمل فى مصالحنا وهيئاتنا. لكن الارتكان إلى ذلك وحده كارثة. العنصر البشرى يحتاج عمرة (بفتح العين) شاملة. وتعيين عسكرى خلف كل مواطن لمراقبة أفعاله لن يجدى، لأن العسكرى سيحتاج عسكرى… وهلم جرا. تطبيق القانون حتمى، وكذلك تنشئة المواطن على قيمة القانون حتى يتوقف عن مناصبته العداء.

مراجعة 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى