الرأي المفيد

جمال عبد الناصر يكتب: داود عبد السيد .. مخرج يتنفس حرية وواقعية

جمال عبد الناصر يكتب: داود عبد السيد .. مخرج يتنفس حرية

 

هل يقاس إبداع الفنان بالكم أم بالكيف؟ هل الرقم دليل على التميز أم أن الرقم مجرد رقم يدل على الاستمرارية؟ هل الاستمرارية نوع من الإبداع؟

أسئلة كثيرة خطرت في ذهني وأنا أكتب عن المخرج الكبير داود عبد السيد الذي يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ77. أنتج هذا المبدع 8 أفلام طويلة في مسيرته السينمائية. كان فيلمه الأول «الصعاليك» (1985)، وآخر أفلامه «قدرات مجهولة». عادي “(2014).

داود عبد السيد مخرج واعي ومثقف، لديه دائمًا فكرة يريد تقديمها في معظم أفلامه. ولعل هذا هو السبب الذي يجعله يفكر ويبحث بين فيلم وآخر عما سيقدمه. فهو ليس مخرجًا سينمائيًا هنا فحسب، بل هو مفكر سينمائي وفيلسوف لا يقدم ما هو سهل، بل يحاول دائمًا تقديم أفلامه. ومن خلال وجهة نظره حول العالم، فإن أفلامه الثمانية لها طابع شخصي، وهو نفسه أكد لي ذلك في أحد حواراتي معه قائلاً: أقدم المواضيع التي أشعر بها وأتفاعل معها، دون النظر إلى أي ظروف أخرى.

سينما المؤلف هي المصطلح والمفهوم الذي يتبناه داود عبد السيد دائما في معظم أفلامه. وهو تأكيد على ذاتية السينما عند داود عبد السيد. يكتب أغلب أفلامه بنفسه، وهذا بالطبع يضعه في حرية فنية يستطيع من خلالها تجسيد ما يريد من رؤى فنية وفكرية. ويصبح مسؤولا. إنها مسؤوليتها الكاملة.

وإذا تعمقنا في أفلام داود عبد السيد الثمانية، نجد أنه يحب الشخصيات التي يكتبها ويرسم ملامحها، ثم يتركها تعيش واقعها وتتصرف بعفوية، حتى لو أدى ذلك إلى سلوك غير أخلاقي. إنما يتبعهم ويقدمهم كما هم، لا يدينهم، بل ينظر إليهم برحمة ويجد لهم الأعذار والدوافع. فهو يفهم احتياجات الروح والجسد، ونهايات أفلامه غير تقليدية ولها نهايات متعددة.

ميزة أخرى أجدها من أهم السمات في سينما داود عبد السيد هي صوت الحرية. كان دائماً يتحدث ويناقش ويطرح فكرة الحرية في أفلامه، ولنا مثالان هما فيلمك: الصعاليك والبحث عن سيد مرزوق. كما أخذت الواقعية الاجتماعية المتطرفة دورًا كبيرًا في أفلامه، حيث واجه الاستبداد. وناصر الفقراء… أيها المخرجون… لدينا مخرج لا زال حياً ويعيش بيننا. اسمه داود عبد السيد. لديه أفكار ومشاريع كتبها، لكنها محبوسة في أدراجه. تحاول الخروج منهم، لكنها لا تجد من يخرجهم ويحررها من حبسها داخل الأدراج. هل هناك أحد متحمس؟

وأختتم الكتابة عن داود عبد السيد احتفالا بعيد ميلاده بجملة قالها لي عندما سألته عن أفكاره وسيناريوهاته الجديدة: “الأفكار كثيرة والمشروعات كثيرة، وأحيانا أخاف من كثرة الأفكار لأن لا أريد أن أترك ورائي ديوناً، وأشعر أن كل سيناريو أكتبه هو دين ويجب أن أحوله إلى فيلم”.

وأخيرا…يا صناع السينما…هل هناك من يستطيع تسديد ديون المخرج داود عبد السيد ودائن سيناريوهاته!!

 

 

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى