الرأي المفيد

فكري الهواري يكتب.. سد النهضة والاصطفاف الوطني

حان وقت الاصطفاف الوطني، هي الجملة التي لا بد أن تكرس خلال المرحلة المقبلة، بعد أن فاض الكيل من التعنت الإثيوبي حيال أزمة ملء سد النهضة، والذي سلكت فيه الحكومة المصرية كل الطرق المشروعة للوصول لحل سياسي يرضى جميع الأطراف، ولكن إثيوبيا ما زالت تماطل وتريد أن تضع مصر في الأمر الواقع.

الحقيقة أن الإدارة المصرية لم تتواني لحظة واحدة في الحوار السياسي بشأن أزمة السد، وباتت الايام المقبلة حق لتقرير المصير وعلى الشعب المصري الاصطفاف حول قيادته في أي قرار يلزم إثيوبيا بمراعاة حقوق الشعبين المصري والسوداني في مياه النيل.

اتجهت الحكومة المصرية إلى مجلس الأمن شاكية من التعنت الإثيوبي ومن التهديدات المتكررة (التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الإثيوبي بكون حكومته ستشرع في ملء سد النهضة إما بالتوافق مع مصر والسودان أو دونه) وتطالب الجهة الدولية بحماية السلم والأمن في حوض النيل بإلزام إثيوبيا الامتناع عن الإجراءات الأحادية والعودة حسنة النية والجادة إلى التفاوض، اليوم يتعين علينا كمواطنين وبغض النظر عن تمايز مواقفنا بشأن أية أمور أخرى دعم الحكومة في هذه اللحظة الفارقة وتأييد سعيها إلى صون الحقوق المصرية في نهر النيل وحمايتنا من خطر العطش والفناء. النيل الخالد هو علة وجود وبقاء مصر المحروسة، ومياهه هي شريان حياة شعبها ومصدر استقراره.

ليس صون حقوقنا في نهر النيل بأمر يقبل الاختلاف بيننا كمواطنين مصريين، وليس لمعارضة وطنية تقدم مصلحة البلاد على أية صراعات سياسية أو حسابات حزبية، غير أن تؤيد توجه الحكومة إلى اتخاذ أي قرار يحمي حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، وأن تصطف معها لدعم تمسكنا بحتمية امتناع إثيوبيا عن الإجراءات الأحادية وضرورة التواصل إلى حلول توافقية.

أسجل، وبعد قراءة تفصيلية للمادة المعلوماتية المنشورة عن جلسات التفاوض الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا وجلسات التفاوض متعددة الأطراف، قناعتي أن صانع القرار المصري لم يتهاون في إدارة ملف سد النهضة تأسيسا على قواعد القانون الدولي العام وروح ونصوص الاتفاقية الإطارية الموقعة في 2015 وأن كيل الحكومة المصرية كان قد فاض قبل أن تلجأ إلى مجلس الأمن في خطوة تصعيدية مشروعة وأن اصطفافنا الوطني وتحييدنا فيما خص النيل الخالد للتمايزات بين مؤيدي الحكم وأنصار المعارضة يمثل شرط ضرورة لنجاحنا في ردع التعنت الإثيوبي، بل أطالبها بألا تحول اختلافاتها مع الحكم دون التزامها الضروري بتأييد الخطوات الحكومية المتعلقة بإدارة ملف سد النهضة والاصطفاف معها في شراكة وطنية حقيقية تنتصر لمصر وأمنها وحياة شعبها.

وبكل ثقة نؤكد أن مصر لديها الدرع والسيف لحماية مقدراتنا وقادرة أيضاَ على الخروج من تلك الازمة منتصرة، وستثبت الايام المقبلة أن مصر دولة لا يمكن فرض عليها اسلوب الأمر الواقع، في ظل قيادة سياسية حكيمة وجيش وطني قوي اقسم على حماية هذا الشعب ومصالح الوطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى