حوادث

"غرائب القضايا".. دفتر الحضور والانصراف يحول مهندس إلى قاتل

"غرائب القضايا".. دفتر الحضور والانصراف يحول مهندس إلى قاتل هذا هو موضوع مقالنا عبر موقعكم «المفيد نيوز»، حيث نجيبكم فيه على كافة الاسئلة، ونلقي الضوء على كل ما يهمكم في هذا الموضوع ..فتابعو السطور القادمة بمزيد من الاهتمام.

حالات غريبة حدثت وأثارت جدلاً تحول فيها القاتل إلى بريء، والجاني إلى ضحية، ألغاز كشفت عنها التحقيقات، وأزالتها عنها دفاعات المحامين في الساحات. ويعرض اليوم السابع، على مدار 30 حلقة خلال شهر رمضان المبارك، أبرز هذه الحالات وحقائقها المثيرة.

“”محتالون لكن لطيفون”.. الجزء الأول..
هذه الحلقة يرويها المستشار بهاء الدين أبو شقة في كتابه “أغرب الحالات…

ولم تقع أحداث هذه القضية المتعددة الفصول دفعة واحدة، كما هو الحال في القضايا الجنائية. بل تعددت المواقف بحيث تحول كل موقف إلى حدث مثير يشكل حالة كاملة في حد ذاته. ورغم أن الأحداث كانت مرتبطة ببعضها ومتحدة بأشخاصها، إلا أن أحداثها كانت مختلفة ومختلفة في الخيال. وهو أقرب إلى الواقع.
يقول المستشار أبو شقة: بداية مواجهتي لأحداثها كانت في بداية الستينيات، عندما كنت وكيل نيابة بالجيزة، وأجلس في مكتب رئيس النيابة، وكان يتمتع بصلاحيات المحامي العام في ذلك الوقت، عندما كان أحد زملائي يتقدم بقضية قتل اتهم فيها مهندس – يعمل مديرا في أحد المكاتب. كبرى المصانع بأحد أسواق الجيزة – بقتل زوجته الشابة.

وكانت وقائع الجريمة وأدلتها محيرة. وبحسب عرض زميلي، فقد تضمن ذلك العثور على زوجته مقتولة داخل شقتها الفاخرة بأحد المباني الشاهقة أمام حديقة الحيوان بالجيزة. وتفاجأت الخادمة بعودتها بعد شراء بعض المستلزمات المنزلية ملطخة بدمائها.. وهو ما قررته خلال التحقيقات. ولم تكن تعرف شيئا عن الجريمة أو دوافعها أو مرتكبها، إذ حدثت في غيابها. وأضافت أن باب الشقة كان مفتوحا على غير العادة، وأنها صرخت طلبا للمساعدة بمجرد أن شاهدت هذا المشهد البشع الذي لم يخطر ببالها ولم يكن في الحسبان من قبل.

وعندما وصلت الشرطة فور إبلاغ الجيران بالحادثة، وقامت بمعاينة مسرح الجريمة، تبين إصابتها بعدة طعنات اخترقت صدرها وقلبها. والغريب أنه بتفتيش خزانة ملابسها تبين أن مجوهراتها ومجوهراتها لم يمسها أحد، وأنها لم تتعرض للسرقة، حتى أساورها الذهبية وخاتم زواجها وخاتم الماس الثمين الذي كانت ترتديه. يدها. كما لم يتبين أن أياً من محتويات الشقة قد سُرق، مما يوحي بأن جريمة القتل لم تكن بقصد السرقة.. وأثارت العديد من التساؤلات حول الدافع الحقيقي لارتكابها.

ونشطت التحقيقات وخلصت إلى صحة ما قررته الخادمة، وأن الأقوال التي أدلت بها هي الحقيقة، وأنها لم يكن لها يد في أحداث الجريمة… إلا أن أصابع اللوم أشارت إلى الزوج. وأنه هو من خطط لجريمته بعناية مما عزز هذه التحقيقات وعززها وعززها. ما أشارت إليه هو الدافع والدافع لقتلها، إذ كشفت التحقيقات عن وجود علاقة آثمة وحب قديم ربطه بامرأة أخرى، وأنها تزوجت وعاشت مع زوجها الذي أخذها إلى أحد الزيوت. الدول فتزوجته طمعاً في ماله، ولكنه كان قد مات مؤخراً، وما إذا عادت إلى القاهرة تسارع إلى الاتصال به لإحياء علاقتهما القديمة، فيسيل لعابه من ثروتها وأموالها. تم اكتنازه ثمناً لهذا الزواج من ذلك الرجل العجوز الذي ابتلي بالمرض. وتم التأكد من عودة هذه العلاقة واستمرار لقاءاتهم في شقتها التي ورثتها عن الفقيد. لكن السؤال المحير هو ماذا؟ مما يدفع الزوج للمخاطرة بمنصبه ومستقبله وحتى بحياته لارتكاب جريمة قتل زوجته، حيث يمكنه أن يطلقها من أجل العودة إلى ماضيه الذي وجد فيه المتعة واللذة في الحياة.

إلا أن هذا الشك سرعان ما تضاءل أمام ما ثبت من أن وكيل التحقيق اطلع على دفتر الحضور والانصراف، فتبين أنه وصل ووقع في الساعة الثامنة وأربع دقائق، وأنه غادر ووقع. فور علمه بالحادث في الدقيقة ودقيقتين… كما تبين أن بروتوكول ونظام المصنع الذي يعمل فيه بعد دخول المصنع يلزم أي موظف أو عامل مهما كانت منصبه بعدم الخروج أو الخروج إلا بإقرار مسجل في دفتر البوابة الذي يلتزم الجميع بالتوقيع عليه، وتسجل فيه ساعة ودقيقة الحضور والانصراف.

لكن ما لفت الأنظار هو ما خلصت إليه التحقيقات، من أن الزوجة كانت سمينة وبدينة وقد فاتها قطار الزواج عندما تزوجها.. وأنه كان ضعيف الشخصية أمام زوجته وأسرتها، كما كانت من عائلة لها قوتها وسلطتها، وكانت الزوجة تتمتع بشخصية قوية، قوية جداً، وتتكلم بصوت عالٍ ولا تستطيع الرد. يعطيها كلمة أو يعصي أمرها.

كان مظلومًا وعاجزًا، يشعر في أعماقه بالذل والانكسار والمهانة والندم على زواجه منها. تزوجها في لحظة يأس بعد زواج حبيبته وسفرها مع زوجها. ومن وقت لآخر كان يتذكر الأيام الخوالي التي عاشها في الحب ويستمتع بتدليل محبوبته، فلا يمل من الشكوى لأصدقائه المقربين. فطلب منهم النصح والتفكير معه في طريقة للخروج من هذا المأزق، ونصحه أصدقاؤه بأن الحل الوحيد هو طلاق زوجته، لكن العائق الذي كان يمنعه من ذلك هو تأخير المهر الكبير إلى التي ألزمها بنفسه، بالإضافة إلى الشيكات الفارغة التي كان يوقعها والتي كانت تهدده بها دائمًا.

زميلي وكيل النيابة الذي حقق في القضية وعرضها كما ذكرنا أعلاه كان رأيه، وكانت القضية خالية من الأدلة القاطعة… وأصدر قراراً بعدم وجود أساس لرفع دعوى جنائية أمام الزوج المهندس بسبب لعدم كفاية الأدلة (أي حفظ القضية)… وتكليف الشرطة بالبحث عن القاتل الحقيقي.

وفي تلك الأثناء كان رئيس النيابة يمسك بقلمه ويحاول تأييد ما خلص إليه وكيل النيابة بناء على ما ذكر أعلاه… وقاطع ذلك دخول أحد كبار رجال القضاء. وبينما كان رئيس النيابة على وشك استقباله، غادرت أنا وزميلي حتى صباح اليوم التالي لإصدار تأشيرته.

وشاء القدر أن يعاني زميلي في اليوم التالي من مغص كلوي حاد. تم نقله إلى المستشفى، وأجروا له عملية جراحية “للمرارة”، منح بها إجازة مرضية لمدة شهر. وأحال رئيس النيابة القضية إليّ لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وطلب مني إعداد قرار في قضية زميلي المريض، والتي سبق عرضها عليه. “القرار بعدم وجود أساس لرفع دعوى جنائية لعدم كفاية الأدلة”.

اضطررت لقراءة أوراق القضية بعناية، وخلصت إلى ضرورة استكمال التحقيقات في عملية دخول المهندس وخروجه من بوابة المصنع، وتحديد ما إذا كان قد وصل وخرج في نفس اليوم الذي وقعت فيه الجريمة. بحسب ما هو مسجل في دفاتر الحضور والانصراف، إلا أن رئيس النيابة بادر. وأعرض عليه وجهة نظري بأن وكيل التحقيق سبق أن اطلع على الدفترين وتبين منهما توقيع المتهم وقت الحضور، وتوقيعه أيضاً وقت المغادرة، وهنا قدمت معارضتي وجهة نظرها ومضمونها والأساس الذي كونت عليه اعتقادها في هذا الشأن خلال التحقيقات لم يتم التحقق منها. ومن المؤكد أن توقيعي الحضور والانصراف هما توقيع المتهمين، ولا يمكن التأكد منهما إلا من خلال التحقق منهما فنيا من خلال الطب الشرعي، “إدارة الأبحاث والتزوير” لإجراء مقارنة بين توقيع المتهم وتوقيعه. المنسوب إليه في كتب الحضور والانصراف.

وبالفعل تم استيفاء الاشتراطات المطلوبة وإرسال المتهمين ودفاتر الحضور والانصراف إلى قسم الطب العدلي لتحديد ما إذا كانت متطابقة أم لا «أي لشخص واحد أو لشخصين».

وكانت المفاجأة هي التي أكدت صحة توقعاتي، إذ ثبت من إجراء المقارنة أن التوقيع المنسوب للمتهم على دفاتر الحضور والانصراف ليس توقيعه، لذلك قمت على الفور باستجواب موظف المعلومات بالمصنع المسؤول عن المخالفة. بدفاتر الحضور والانصراف، وواجهته بالأدلة الجديدة… ولم يكن أمامه إلا الاعتراف بأن الخط المنسوب للمتهم كان موجوداً في الدفترين اللذين كتبهما، وأضاف أن المتهم هو من طلب منه ذلك. وقع مكانه لأنه لن يحضر ذلك اليوم، إذ كان لديه أمر مهم يريد الانتهاء منه، فحثه على ذلك، خاصة أنه رئيسه في العمل.

وتم استدعاء الخادمة، التي نفت أقوال المتهم تمامًا، وأكدت أنها لم تتواصل معه في العمل، حيث كان قد ذكر ذلك في بداية التحقيقات، أنه علم بالحادث من محضر الخادمة. وأصرت على أنه وصل بعد دقائق من وصول الشرطة، ولا تعرف من أخبره بالحادث.

فاستدعيت المتهم وسألته مرة أخرى: كيف عرفت بالحادث؟ فأجاب أن الخادمة هي التي اتصلت به في العمل وأخبرته بالحادث. فأمرته بإنكار الخادمة، وأنها لم تتحدث معه هاتفياً عن الحادث لأنه لم يكن موجوداً في العمل يوم الحادث. أصبح أكثر هياجاً وتوتراً وبدأ في البكاء المفرط. تكرار عبارة “مظلوم.. مظلوم”.
وتم إعداد أدلة اتهام جديدة، وإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات، بتهمة قتل زوجته عمداً. وقضت المحكمة بمعاقبة الزوج «المهندس» بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة.

  • أقسام تهمك:
  • عيادات المفيد ..للحصول على معلومات صحية موثوقة 
  • سيارات المفيد.. تحديث على مدار الساعة في عالم السيارات
  • أخبار الاقتصاد والبنوك وعالم المال والأعمال..لا تفوته
  • الإسلام المفيد .. للفتاوى والقضايا الشائكة ..هام
  • للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

    مقالات ذات صلة

    زر الذهاب إلى الأعلى