اخبار العرب

استعادة الذاكرة الوطنية: مساعي الجزائر لاسترجاع ممتلكاتها التاريخية من فرنسا

في خطوة تعكس التطلعات الوطنية والجهود المستمرة لاستعادة الهوية التاريخية، قدمت الجزائر لفرنسا لائحة مفتوحة لممتلكات جزائرية تاريخية ذات دلالات رمزية، محفوظة في مختلف المؤسسات الفرنسية. هذه الممتلكات، التي تشمل آثارًا وأرشيفات، تعد شاهدة على فترة الاستعمار الفرنسي وتاريخ المقاومة الجزائرية. يأتي ذلك في سياق انعقاد اللجنة المشتركة الجزائرية الفرنسية للتاريخ والذاكرة، التي تسعى من خلال تعاونها إلى معالجة ملف الذاكرة بشكل يعكس تطلعات الشعبين الجزائري والفرنسي.

خلفية تاريخية: الاستعمار وآثاره

عانت الجزائر من الاستعمار الفرنسي لمدة 132 عامًا، من 1830 إلى 1962. خلال هذه الفترة، حاولت السلطات الاستعمارية طمس الهوية الجزائرية من خلال التجهيل والتفقير ونهب الممتلكات الثقافية والتاريخية. وبعد استقلال الجزائر، بدأت جهود وطنية لاسترجاع هذه الممتلكات، التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من الذاكرة الوطنية.

الاجتماع الخامس للجنة المشتركة: خطوات ملموسة نحو الاسترجاع

عقدت اللجنة المشتركة الجزائرية الفرنسية للتاريخ والذاكرة اجتماعها الخامس في الجزائر العاصمة من 20 إلى 24 مايو الجاري. خلال هذا اللقاء، تم الاتفاق على مواصلة المفاوضات في إطار فوج العمل المختلط الجزائري-الفرنسي حول مسألة الأرشيف، والعمل على استرجاع الممتلكات الثقافية والتاريخية.

دعت اللجنة الجزائرية نظيرتها الفرنسية إلى رفع انشغالاتها حول استرجاع الممتلكات الثقافية والأرشيفية إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وتضمن البيان الصادر عن اللجنة التزام الجانب الفرنسي بتقديم هذه القائمة إلى الرئيس الفرنسي والعمل على إعادة هذه الممتلكات إلى الجزائر في أقرب وقت ممكن.

ممتلكات الأمير عبد القادر: رمزية المقاومة

تعتبر ممتلكات الأمير عبد القادر من أبرز الرموز التاريخية التي تسعى الجزائر لاسترجاعها. كان الأمير عبد القادر قائدًا وطنيًا وزعيمًا للمقاومة ضد الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر. تشمل هذه الممتلكات سيفه ولباسه وعمامته، وهي رموز تعكس بطولته ونضاله من أجل حرية الجزائر.

في أول اجتماع للجنة الذاكرة الجزائرية الفرنسية في نوفمبر الماضي، تم الاتفاق على استرجاع ممتلكات الأمير عبد القادر، وإنجاز “كرونولوجيا الجرائم الاستعمارية” خلال القرن التاسع عشر. كما تم الاتفاق على استرجاع الجماجم المتبقية والتعرف على الرفات التي تعود إلى تلك الفترة.

التعاون العلمي والثقافي: آفاق جديدة

ثمنت اللجنة المشتركة التعاون العلمي والتقني بين الجزائر وفرنسا في مجالات الترميم والرقمنة وتبادل التجارب والمكتبات والبيبليوغرافيا. هذا التعاون يشمل أيضًا تخليد أماكن الذاكرة في الجزائر وفرنسا، ورقمنة سجلات الحالة المدنية ومقابر الفرنسيين في الجزائر ومقابر الجزائريين في فرنسا خلال القرن التاسع عشر.

كما رحبت اللجنة بالخطوط العريضة لآفاق الشراكة المقترحة من طرف مسؤولي الأرشيف الفرنسي والمكتبة الوطنية الفرنسية، والتي تشمل التبادل العلمي والتقني والمهني والتكوين والرقمنة وتبادل المعارف من خلال معارض وجرد مشترك للممتلكات التاريخية.

الانتقادات والمطالب

رغم التقدم المحرز، لم تخلُ المخرجات من انتقادات. عبّر عبد الوهاب يعقوبي، عضو اللجنة الخارجية بمجلس النواب الجزائري، عن خيبة أمله قائلاً إن ما صدر عن اللجنة “كان دون التوقعات”. وأكد على ضرورة أن يكون البيان أكثر دقة وعمقًا، مشيرًا إلى أن الاستعمار الفرنسي الذي حاول طمس الهوية الجزائرية يتطلب عملًا أعمق مما جاء في البيان.

يعقوبي أشار أيضًا إلى وجود ممتلكات تاريخية مهمة تحتفظ بها المؤسسات الفرنسية، من قبيل سيف الأمير ولباسه وعمامته، وجماجم الجزائريين الموجودة في متحف الإنسان في باريس، ومخطوطات مهمة في المكتبة الفرنسية، ومركز الأرشيف بفرنسا.

الخاتمة: أمل في المستقبل

تمثل هذه الجهود خطوة مهمة نحو استعادة الهوية الوطنية الجزائرية وتعزيز الذاكرة الجماعية. إن استرجاع الممتلكات التاريخية ليس فقط استعادة لموروث ثقافي، بل هو أيضًا اعتراف بمعاناة ونضال الشعب الجزائري. تأمل اللجنة المشتركة أن تكون هذه الجهود بداية لمرحلة جديدة من التعاون والاحترام المتبادل بين الجزائر وفرنسا، وأن ترقى معالجة ملف الذاكرة إلى ما يتطلع إليه الشعبان.

 

 

___________________________

يهمك

___________________________

 

 

 

___________________________

هل أعجبك هذا المقال؟   شاركنا رأيك!   هل وجدته مفيدًا أو ممتعًا؟ إن كان كذلك، فساعدنا في نشر المعرفة!

شارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر البريد الإلكتروني..كل مشاركة تُسهم في وصولنا إلى المزيد من الأشخاص ومشاركة محتوى هادف معهم و شكرًا لك على دعمك!

نُسعد بزياراتكم لمنصات “المفيد نيوز”  فيسبوك  تويتر   لينكد إن  بنترست يوتيوب   
                                       معًا ننشر المعرفة ونُثري العقول!

___________________________

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى