كفارة الصوم للمريض: دليل شرعي شامل يوضح الأحكام والتفاصيل وكيفية الإخراج في 2025
✍️ كتب: ملك الرفاعي
قد يأتي شهر الصيام محمّلًا بالروحانية والعزم، ثم يفاجئ الإنسان بمرضٍ يضعه أمام سؤالٍ حاسم: هل أصوم فأشقّ على نفسي، أم أفطر فأقع في الحرج الشرعي؟ هذا السؤال يتكرر كل عام، وتزداد الحاجة إلى إجابة واضحة تجمع بين الرحمة والالتزام بالحكم الشرعي.
في هذا الدليل الشامل نضع بين يديك بيانًا دقيقًا لأحكام كفارة الصوم للمريض، متى تجب، وكيف تُخرج، ولمن تُعطى، وما الحكم في إخراجها مالًا، مع توضيح ما يتعلق بعام 2025 وفق ما استقر عليه جمهور العلماء
معنى كفارة الصوم للمريض
كفارة الصوم للمريض هي ما يجب على من أفطر في رمضان بسبب مرضٍ لا يُرجى برؤه غالبًا، ولا يستطيع الصيام لا حاضرًا ولا مستقبلًا، فينتقل الحكم من الصيام إلى الإطعام.
هذا الحكم قائم على التيسير ورفع الحرج، وهو من مقاصد الشريعة الواضحة في التعامل مع الأعذار الدائمة
الفرق بين المرض العارض والمرض المزمن
المرض العارض هو ما يُرجى زواله، كالحُمّى أو الالتهابات المؤقتة أو العمليات الجراحية التي يُتوقع الشفاء منها. في هذه الحالة يُفطر المريض ويقضي الأيام بعد الشفاء ولا كفارة عليه
أما المرض المزمن فهو الذي يغلب على الظن عدم الشفاء منه أو يسبب مشقة شديدة دائمة مع الصيام، وهنا لا يجب القضاء، وتجب الكفارة بالإطعام عن كل يوم أفطره
الدليل الشرعي على كفارة الصوم للمريض
قال الله تعالى: «وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين»، وقد فسّرها عدد من الصحابة والتابعين بالمريض الكبير أو المزمن الذي لا يستطيع الصيام.
وهذا الفهم عليه جمهور الفقهاء، وهو المعمول به في المذاهب الأربعة
متى تجب كفارة الصيام للمريض
تجب الكفارة إذا تحقق أمران
أن يكون المرض دائمًا أو طويل الأمد لا يُرجى شفاؤه
أن يقرر أهل الخبرة من الأطباء الثقات أن الصيام يضر بالمريض ضررًا محققًا أو غالبًا
حينئذ ينتقل التكليف إلى الإطعام، ولا يُطالب المريض بالقضاء
هل تجب الكفارة فورًا أم يجوز تأخيرها
يجوز إخراج الكفارة يومًا بيوم، ويجوز جمعها وإخراجها دفعة واحدة بعد انتهاء رمضان.
التأخير جائز ما لم يكن فيه تفريط أو إهمال، ويستحب المبادرة خروجًا من الخلاف وحرصًا على إبراء الذمة

كيفية إخراج كفارة الإطعام عن الصيام
الأصل في الكفارة هو الإطعام، ويكون بإطعام مسكين واحد عن كل يوم
وقد حدده الفقهاء بنصف صاع من غالب قوت البلد، وهو ما يعادل تقريبًا 1.5 كيلوجرام من الأرز أو ما يقوم مقامه
ويجوز تقديم الطعام جاهزًا، أو توزيع المواد الغذائية، أو تنظيم وجبة مشبعة للمساكين
كفارة الصيام للمريض لمن تُعطى
تُعطى الكفارة للمساكين والفقراء فقط، ولا تُصرف للأغنياء، ولا للأقارب الذين تجب نفقتهم على المكلّف
ويجوز إعطاؤها لشخص واحد بعدد الأيام، أو توزيعها على عدد من المساكين، والأفضل مراعاة حاجة الناس
هل يجوز إخراج كفارة الصيام للمريض بالمال
هذه من أكثر المسائل شيوعًا، وقد اختلف فيها الفقهاء
ذهب جمهور العلماء إلى أن الأصل هو الإطعام، ولا يُجزئ إخراج المال بدل الطعام إلا إذا كان المال سيُستخدم يقينًا في شراء الطعام
بينما أجاز بعض أهل العلم المعاصرين إخراج القيمة إذا كانت أنفع للفقير، وخاصة في الظروف الاقتصادية المتغيرة
كفارة الصيام للمريض بالمال ابن عثيمين
يرى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن الكفارة تُخرج طعامًا، ولا يُجزئ إخراج المال إلا إذا كان المال يُدفع لجهة موثوقة تشتري به الطعام وتُطعمه للمساكين. هذا القول يجمع بين النص الشرعي وتحقيق مصلحة الفقير
كفارة الصيام للمريض بالمال 2025
في عام 2025، ومع تغيّر الأسعار، تُقدّر الكفارة بحسب متوسط سعر وجبة مشبعة في البلد.
ويجري العمل في كثير من الجهات الخيرية على تحديد قيمة مالية تعادل الإطعام الحقيقي، مع التأكيد أن الأساس هو وصول الطعام فعليًا للمحتاج
كفارة الصيام للمريض بالمال في مصر
في مصر، تعتمد غالبية دور الإفتاء والجهات الرسمية تقديرًا ماليًا يُعلن سنويًا، ويُستخدم هذا المال في تجهيز وجبات أو شنط غذائية للفقراء.
هذا يحقق مقصود الإطعام، ويُراعي ظروف الناس.
في المغرب، يُعمل غالبًا بإخراج الإطعام مباشرة أو القيمة التي تُحوَّل إلى طعام. وتقوم جمعيات خيرية كثيرة بتنظيم هذا الأمر، بما يضمن وصول الكفارة إلى مستحقيها وفق الضوابط الشرعية
الفرق بين الكفارة والفدية
تُستخدم كلمة الفدية أحيانًا بدل الكفارة، والمقصود هنا واحد في حالة المريض المزمن، وهو الإطعام عن كل يوم.
أما الكفارة بمعناها الأوسع فقد تكون بسبب الجماع في نهار رمضان، ولها أحكام مختلفة.
هل تجب الكفارة على من أفطر ثم شُفي
إذا أفطر المريض مرضًا يُرجى شفاؤه ثم شُفي بعد رمضان، فلا كفارة عليه، وإنما يجب عليه القضاء فقط. الكفارة خاصة بمن عجز عن الصيام عجزًا دائمًا
هل يجوز إخراج الكفارة عن الميت
إذا مات المريض وعليه كفارة صيام لم يُخرجها، جاز لوليه إخراجها عنه من تركته أو تبرعًا. وهذا من البر والإحسان الذي يصل ثوابه إلى الميت بإذن الله
من الأخطاء إخراج المال دون التأكد من تحوله إلى طعام
ومنها إعطاء الكفارة لغير المستحق
ومنها الخلط بين القضاء والكفارة
ومنها تقدير الكمية بغير ضابط
تصحيح هذه الأخطاء يضمن صحة العبادة وبراءة الذمة
الحكمة من تشريع كفارة الصوم للمريض
الحكمة ظاهرة في الجمع بين حفظ النفس وعدم تعطيل مصلحة الفقراء.
فالمريض يُعفى من الصيام رحمةً به، وفي المقابل لا يُحرم المجتمع من أثر العبادة، بل يتحول الصيام إلى إطعام يخفف عن المحتاجين
الأسئلة الشائعة
هل يجوز إخراج كفارة الصيام دفعة واحدة
نعم، يجوز إخراج كفارة جميع أيام الشهر دفعة واحدة لمسكين واحد أو لعدة مساكين
هل يجوز إخراج الكفارة قبل رمضان
الأحوط أن تُخرج بعد دخول رمضان أو بعد الإفطار، لكن أجاز بعض العلماء إخراجها مقدمًا إذا تحقق سببها
هل تُخرج الكفارة عن كل يوم منفصل
نعم، عن كل يوم مسكين واحد، ويجوز جمعها في الإخراج
هل يجوز توكيل جمعية خيرية
يجوز إذا كانت موثوقة وتلتزم بتحويل المال إلى طعام فعلي للمحتاجين
ما الحكم إذا تحسنت حالة المريض بعد إخراج الكفارة
إذا شُفي بعد إخراج الكفارة وكان المرض يُرجى شفاؤه أصلًا، فعليه القضاء، وتُعد الكفارة صدقة نافلة
كفارة الصوم للمريض باب من أبواب التيسير والرحمة في الشريعة الإسلامية، شُرعت لحفظ النفس وتحقيق التكافل الاجتماعي.
هذا الدليل الشامل يضع القارئ أمام الصورة الكاملة للحكم الشرعي، وكيفية الإخراج، والفروق الدقيقة بين الحالات المختلفة، بما يضمن العبادة الصحيحة ويُراعي واقع الناس في عام 2025








