مؤشرات نسب السكر الطبيعية فى الدم للمرضى والأصحاء بالأرقام.. إنفوجراف
✍️ كتب: آية خالد
يعد قياس مستوى السكر في الدم واحدًا من أهم المؤشرات الحيوية التي يعتمد عليها الأطباء لتقييم صحة الجسم، سواء بالنسبة للأشخاص الأصحاء أو مرضى السكري. هذا المؤشر البسيط يكشف الكثير عن حالة التمثيل الغذائي، وكفاءة إفراز هرمون الأنسولين، وقدرة الجسم على التعامل مع الجلوكوز.
ولأن مرض السكري أصبح من أكثر الأمراض انتشارًا عالميًا وعربيًا، أصبح فهم الأرقام والحدود الطبيعية للسكر ضرورة يومية لكل أسرة، وليس فقط للمرضى.
وعلى الرغم من أن الكثيرين يعرفون أن هناك «سكر صائم» و«سكر فاطر» و«سكر تراكمي»، إلا أن عددًا كبيرًا لا يعرف الحدود الدقيقة لكل نوع، ولا كيفية تفسير النتائج، ولا العلاقة بين الأرقام والحالة الصحية الحقيقية.
لذلك يُعد هذا المقال «دليلًا شاملًا» يقدم بالأرقام الدقيقة الحدود الطبيعية، الحدود الخطرة، علامات ما قبل السكري، وكيف يمكن التعايش مع المرض بطريقة صحية.
لماذا قياس السكر مهم حتى لغير المرضى؟
ينظر الكثيرون إلى قياس السكر باعتباره شيئًا خاصًا بالمرضى فقط، لكن الواقع الطبي يؤكد عكس ذلك. نصف حالات السكري من النوع الثاني تأتي نتيجة عدم اكتشاف المرض في الوقت المناسب، لأن الجسم يظل في مرحلة «ما قبل السكري» لسنوات دون أعراض واضحة. خلال هذه الفترة يكون السكر أعلى من الطبيعي ولكنه ليس مرتفعًا لدرجة تشخيص المرض.
المفاجأة الأكبر هي أن العديد من الناس في مرحلة «ما قبل السكري» يشعرون بأنهم أصحاء تمامًا، ولا يعلمون أنهم معرضون للإصابة بنسبة قد تصل إلى 70% خلال عدة سنوات إذا لم يتغير نمط الحياة.
وجود سكر مرتفع لفترة طويلة دون علاج يؤثر على:
الأعصاب
الكلى
العين
القلب
الأوعية الدموية
المناعة
الطاقة اليومية
لذلك أصبح الأطباء ينصحون كل شخص بعد سن الأربعين، أو من لديه سمنة أو تاريخ عائلي، بإجراء تحليل السكر ولو مرة كل عام.
ما الفرق بين سكر الصائم والفاطر والتراكمي؟
لكي نفهم الأرقام يجب أولًا فهم أنواع التحليل:
1) السكر الصائم (FBS)
تحليل يتم بعد صيام 8 ساعات على الأقل، ويكشف كيف يتعامل الجسم مع الجلوكوز بدون تأثير الطعام.
2) السكر الفاطر بعد الأكل بساعتين (PP2)
يقيس قدرة الجسم على إفراز الأنسولين بعد تناول وجبة كاملة.
3) السكر العشوائي (RBS)
يُجرى في أي وقت ويُستخدم للكشف السريع عن الارتفاعات غير الطبيعية.
4) السكر التراكمي (HbA1c)
يقيس متوسط السكر خلال الـ 3 أشهر الماضية، وهو التحليل الأهم للتشخيص والمتابعة.
كل هذه التحاليل تقدم صورة مختلفة، ومقارنتها يمنح رؤية شاملة حول كفاءة الجسم في التعامل مع الجلوكوز.
نسب السكر الطبيعية في الدم للأصحاء والمرضى بالأرقام
للأصحاء:
-
سكر صائم: من 70 إلى 99 مج/دل
-
سكر فاطر بعد الأكل بساعتين: أقل من 140 مج/دل
-
السكر العشوائي: أقل من 140 مج/دل
-
السكر التراكمي: من 4.8% إلى 5.6%
مرحلة ما قبل السكري (Prediabetes):
-
سكر صائم: من 100 إلى 125 مج/دل
-
سكر فاطر بعد الأكل بساعتين: من 140 إلى 199 مج/دل
-
السكر العشوائي: من 140 إلى 199 مج/دل
-
السكر التراكمي: من 5.7% إلى 6.4%
تشخيص السكري:
-
سكر صائم: 126 مج/دل أو أكثر في تحليلين مختلفين
-
سكر فاطر بعد الأكل بساعتين: 200 مج/دل أو أكثر
-
السكر العشوائي: 200 مج/دل أو أكثر مع وجود أعراض
-
السكر التراكمي: 6.5% أو أكثر
الحدود المستهدفة لمرضى السكري:
-
سكر صائم: بين 80 و130 مج/دل
-
سكر بعد الأكل بساعتين: أقل من 180 مج/دل
-
السكر التراكمي: أقل من 7% (وقد يصل إلى 6.5% لبعض الحالات الشابة)
تحليل مفصل لكل رقم… ماذا يعني؟ ومتى يصبح خطيرًا؟
1) سكر الصائم
هو الأكثر دقة في توقع خطر الإصابة بالسكري.
إذا كان مستوى السكر بين 100–125 فهذا يعني أن الجسم بدأ يفقد حساسيته للأنسولين. إذا وصل إلى 126 أو أكثر في مناسبتين مختلفتين، فهذا غالبًا يعني وجود سكري من النوع الثاني.
ارتفاع سكر الصائم يشير غالبًا إلى اضطراب في الكبد أو مقاومة الأنسولين الناتجة عن السمنة أو قلة الحركة.
2) سكر الفاطر بعد الأكل بساعتين
إذا تجاوز 200 فهذه علامة خطيرة على ضعف قدرة البنكرياس.
حتى لو كان الصائم طبيعيًا، فإن الارتفاع بعد الأكل يكشف عن خلل مبكر غالبًا لا يشعر به الإنسان.
3) السكر العشوائي
أفضل اختبار لحالات الطوارئ أو الاشتباه السريع.
ارتفاعه فوق 200 مع أعراض مثل العطش الشديد، التبول المتكرر، الإرهاق — يعني احتمال وجود سكري.
4) التراكمي
هو الأكثر استخدامًا لتحديد التشخيص والمتابعة.
ارتفاعه فوق 6.5% يعني أن متوسط السكر خلال 90 يومًا كان مرتفعًا، بغض النظر عن أي تحليل آخر.
لماذا تختلف النسب بين الأصحاء والمرضى؟
الأصحاء يتمتعون بقدرة عالية على إفراز الأنسولين، وحساسية جيدة في المستقبلات الموجودة على خلايا الجسم، مما يسمح باستخدام الجلوكوز بسرعة. أما مرضى السكري أو من لديهم مقاومة أنسولين، فالجسم لا يستجيب بالشكل المطلوب، فيظل السكر مرتفعًا لفترة طويلة.
أما مرضى النوع الأول، فالمشكلة لديهم تكون في غياب الأنسولين من الأساس نتيجة تدمير البنكرياس، لذلك ترتفع الأرقام أكثر.
أخطاء شائعة عند قياس السكر
هناك أخطاء يرتكبها الكثيرون تؤدي لنتائج غير دقيقة:
عدم صيام 8 ساعات كاملة
تناول حلويات في الليلة السابقة
تناول دواء الكورتيزون
التوتر الشديد وقت التحليل
إجراء التحليل بعد مجهود بدني قاسٍ
استخدام جهاز منزلي غير معاير
هذه الأخطاء قد ترفع السكر مؤقتًا وتسبب تشخيصًا خاطئًا.
ماذا تعني مرحلة ما قبل السكري؟
هي مرحلة يمكن وصفها بأنها «جرس إنذار».
الجسم هنا ما زال قادرًا على العودة للوضع الطبيعي إذا التزم الشخص:
بإنقاص 5–10% من وزنه
بالمشي 150 دقيقة أسبوعيًا
بتقليل النشويات
بالابتعاد عن السكر الأبيض تمامًا
بتنظيم النوم
الدراسات تؤكد أن 70% من الأشخاص في مرحلة ما قبل السكري يمكنهم تجنب الإصابة تمامًا إذا التزموا بتغييرات بسيطة في نمط الحياة.
هل يمكن علاج السكري نهائيًا؟
النوع الأول لا يمكن علاجه حتى الآن.
النوع الثاني يمكن السيطرة عليه بشدة، وفي بداية الإصابة يمكن «عكسه» إذا تم فقدان وزن كافٍ، وتحسين حساسية الأنسولين، والالتزام بنظام غذائي قوي.
هناك أشخاص عاد تحليلهم التراكمي للوضع الطبيعي بعد إنقاص الوزن 15 كيلو مثلًا.
أعراض ارتفاع السكر التي يجب عدم تجاهلها
التبول المتكرر
العطش الشديد
جوع مستمر خصوصًا بعد الأكل
تنميل الأطراف
صداع
ضعف في النظر
التهابات متكررة بالجلد أو الفم
تأخر التئام الجروح
هذه الأعراض تتطلب قياس السكر فورًا.
هل يمكن أن يكون السكر منخفضًا رغم عدم الإصابة بالسكري؟
نعم، يحدث هذا في الحالات التالية:
تناول أدوية خطأ
الامتناع الطويل عن الطعام
ممارسة رياضة شديدة دون تغذية كافية
اضطرابات الكبد
خلل في الغدة الكظرية
انخفاض السكر أقل من 70 يستدعي أخذ كربوهيدرات سريعة فورًا.
نسب السكر المثالية لكبار السن
حتى كبار السن يجب متابعة مستواهم، ولكن الحدود تختلف قليلًا.
التراكمي المقبول لهم قد يكون بين 7 و7.5% لتقليل خطر انخفاض السكر الحاد الذي قد يكون أخطر من الارتفاع.
تأثير ممارسة الرياضة على مستوى السكر
الرياضة واحدة من أعظم الوسائل لخفض السكر لأنها:
ترفع حساسية العضلات للأنسولين
تساعد على تفريغ الجلوكوز داخل الخلايا
تقلل الدهون الحشوية
تحسن الدورة الدموية
حتى 15 دقيقة مشي بعد الطعام تقلل سكر الفاطر بنسبة تتراوح بين 20 و40%.
الطعام ودوره الحاسم في ضبط السكر
من المهم معرفة أنواع الطعام وتأثيرها على مستويات السكر:
طعام يرفع السكر سريعًا:
الأرز الأبيض
الخبز الأبيض
الحلويات
المعكرونة
العصائر المعلبة
الكعك والمعجنات
طعام يرفع السكر ببطء (أفضل للصحة):
الشوفان
البقول
الخضروات
الخبز الأسمر
العدس
الفواكه الكاملة
المكسرات غير المملحة
كيف يفهم المريض تحليل السكر التراكمي؟
هنا جدول يوضح ماذا يعني كل رقم:
4.8–5.6%: طبيعي
5.7–6.4%: ما قبل السكري
6.5–7.5%: سكري خفيف قابل للسيطرة
7.6–9%: سكر مرتفع ويحتاج خطة علاج
أكثر من 9%: حالة خطر
كل ارتفاع بنسبة 1% يعني زيادة خطر المضاعفات بنسبة تصل إلى 30%.
أهم النصائح الذهبية لضبط السكر
تقليل النشويات للنصف
تقليل الخبز والمعكرونة
ترك السكر الأبيض نهائيًا
المشي بعد الوجبات
شرب الماء بكثرة
النوم 7–8 ساعات
تجنب العصبية والتوتر
أخذ الدواء في موعده
قياس السكر أسبوعيًا
كيف يصنع الجسم التوازن بين الأنسولين والجلوكوز؟
عندما نأكل، يرتفع الجلوكوز في الدم. يرسل البنكرياس إشارة ضخ الأنسولين، وهو الهرمون الذي يسمح للجلوكوز بالدخول إلى الخلايا للحصول على الطاقة. عندما تقل حساسية المستقبلات بسبب السمنة وقلة الحركة، يظل الجلوكوز مرتفعًا في الدم، ويسمى هذا «مقاومة الأنسولين»، وهو السبب الأول للنوع الثاني من السكري.
هل يمكن أن يكون الشخص نحيفًا ويُصاب بالسكري؟
نعم.
السكري لا يرتبط بالسمنة فقط. قد يكون الشخص نحيفًا ولكن:
وراثته قوية تجاه السكري
يتناول نشويات كثيرة
لا يمارس الرياضة
يعاني من ضعف في إفراز الأنسولين
كيف يعرف الشخص أن جهاز قياس السكر المنزلي دقيق؟
عند قياس التحليل في المنزل، ثم تكراره في معمل معتمد خلال 10 دقائق.
إذا كان الفارق أقل من 20 نقطة فالجهاز جيد.
إذا تجاوز 30–40 نقطة فيجب تغييره.
ماذا يحدث للجسم عندما يبقى السكر مرتفعًا لفترات طويلة؟
ارتفاع السكر يسبب سلسلة من الأضرار:
تلف نهايات الأعصاب
انسداد الأوعية الدقيقة
مشاكل في الشبكية
ضعف الكلى
التهابات متكررة
ضعف المناعة
جلطات
وكل ذلك بسبب جزيئات الجلوكوز التي تلتصق بجدران الأوعية وتمنع تدفق الدم الطبيعي.
الخلاصة
مؤشرات نسب السكر الطبيعية في الدم هي الأساس الذي تُبنى عليه صحة الإنسان. فهم الأرقام، وتفسير التحاليل، ومتابعة الجسم بانتظام، هي الطريق الأهم للوقاية من السكري أو السيطرة عليه قبل أن يتحول إلى مرض مزمن يصعب إدارته.
الخبر الجيد أن مرحلة ما قبل السكري يمكن علاجها، وأن مرضى السكري يمكنهم العيش حياة طبيعية إذا عرفوا كيف يتحكمون في مستوى السكر بالأكل والرياضة والتنظيم الجيد للعلاج.
المعرفة هي السلاح الأول…
والوقاية دائمًا أسهل من العلاج.








