تعادل بطعم التناقض… ماذا قالت مباراة مصر والكويت عن مستقبل الفراعنة في كأس العرب؟
✍️ كتب: المفيد نيوز
بعد ساعتين فقط من إطلاق صافرة النهاية، لا يزال التعادل بين منتخب مصر ومنتخب الكويت بنتيجة 1–1 في افتتاح مشوارهما بكأس العرب حديث الجماهير. مباراة لم تكن عادية على الإطلاق… لأنها كشفت الكثير عن ملامح المنتخبين، وأظهرت بوضوح أين تقف مصر الآن، وما الذي يحتاجه الفريق إذا أراد المنافسة بقوة في البطولة.
هي مباراة يمكن أن نصفها بأنها «لقاء الفرص الضائعة»، و«لقاء التكتيك المتناقض»، و«لقاء كشف المستور» بالنسبة للمستويين الفني والبدني للمنتخب المصري تحديدًا. أما الكويت، فقد دخلت المباراة بروح قتالية أثبتت مرة أخرى أن الأزرق لا يخشى مواجهة أي منتخب مهما كان تاريخه أو قيمته.
في هذا التحليل المطوّل، نشرح بشكل واضح:
كيف لعب كل منتخب؟
لماذا تعادلوا؟
ماذا قدّمت مصر… وماذا فقدت؟
ما هي مكاسب الكويت؟
وما تأثير هذه النتيجة على المنافسة؟
لنبدأ من الصورة العامة…
المباراة في سطور… صدمة البداية ولعنة التراجع
السيناريو كان معروفًا للجميع قبل انطلاق المباراة: منتخب مصر يُفضّل أن يبدأ بهدوء، يمتص حماس الكويت ثم يفرض إيقاعه بالخبرة. لكن ما حدث كان عكس ذلك تمامًا. الكويت دخل بضغط عالٍ، سرعة كبيرة، وإصرار على مفاجأة الفراعنة. بدا المنتخب المصري في أول ربع ساعة دون حلول واضحة في الخروج بالكرة ولا في إيقاف الحماس الكويتي.
هدف الكويت المبكر (من هجمة مرتدة منظمة) وضع مصر تحت ضغط نفسي، وجعل الفريق مضطرًا لمطاردة النتيجة مبكرًا — وهو ما لم يكن في حسابات الجهاز الفني.
بعد الهدف، عاد المنتخب المصري تدريجيًا، وتحوّل الأداء إلى سيطرة أكبر على الكرة، لكن دون خطورة حقيقية تُذكر. حاول اللاعبون الدخول من العمق، لكن الدفاع الكويتي كان منظمًا، واعتمد الأزرق على إغلاق المساحات أمام صناع لعب مصر.
المشهد تغيّر نسبيًا بعد تسجيل مصر هدف التعادل من هجمة بدأت من الجبهة اليسرى، وانتهت بتسديدة ذكية داخل المرمى. هنا ظهر منتخب مصر الحقيقي… لمدة عشر دقائق فقط.
ثم عاد الفريق إلى التراجع والخوف غير المبرر. الكويت، في المقابل، استعاد شجاعته، وأصبح الأكثر اقترابًا من التقدم في الدقائق الأخيرة. لو كانت المباراة أطول قليلاً، ربما كان للأزرق كلمة أكبر.
مصر… بين امتلاك الكرة وفقدان الحلول
أكبر أزمة ظهرت في أداء منتخب مصر كانت غياب الشراسة الهجومية. نعم… الفراعنة استحوذوا على الكرة، لكن ماذا بعد؟
لم تكن هناك جملة فنية واضحة، لم يكن هناك جناح قادر على قي الدفاع، ولم يكن هناك مهاجم يستطيع تحويل نصف فرصة إلى هدف.
هذه أبرز نقاط الضعف:
1) بطء التحول من الدفاع للهجوم
بعد كل كرة تُقطع، يعود المنتخب إلى الخلف بدلًا من التقدم. هذا يفقد الفريق عنصر المفاجأة ويجعل الخصم يعيد تنظيم دفاعه بسهولة.
2) غياب اللعب المباشر
المنتخب يلعب كثيرًا بعرض الملعب، مما يجعل التقدم بطيئًا. لم نشاهد تمريرات طولية تضرب الخطوط، ولا انطلاقات خلف الظهيرين.
3) نقص الحدة الهجومية
مصر صنعت فرصًا قليلة جدًا مقارنة بامتلاكها للكرة. أغلب الهجمات انتهت قبل دخول منطقة الجزاء.
4) الأجنحة بلا تأثير
معظم العرضيات كانت بلا عنوان، والاختراق من الأطراف شبه غائب، وهذا جعل دفاع الكويت متماسكًا طوال المباراة.
5) مشاكل في التمركز عند الدفاع
الهدف الكويتي جاء بسبب بطء ارتداد الوسط، وترك مساحة كبيرة أمام لاعب الكويت الذي مرّر بسهولة.
الكويت… سرعة، شجاعة، وذكاء تكتيكي
منتخب الكويت دخل اللقاء بروح عالية، وكان واضحًا أن المدرب درس المنتخب المصري جيدًا. لعب الأزرق على نقاط ضعف الفراعنة:
البطء، ضعف الأطراف، المساحات خلف الظهيرين.
نقاط قوة الكويت في اللقاء:
1) الضغط العالي في الدقائق الأولى
أربك دفاع مصر تمامًا، وأجبر اللاعبين على ارتكاب أخطاء بدائية.
2) الهجمات المرتدة
كل هجمة مرتدة كانت تبدو خطيرة لأن الكويت كانت تلعب بثلاثة لاعبين يركضون مباشرة نحو منطقة الجزاء.
3) التنظيم الدفاعي الصلب
لم تتح لمصر مساحات لاختراق العمق، وكان الأزرق ينتقل من الدفاع للهجوم بسرعة ممتازة.
4) الجرأة في التسديد
لاعبو الكويت لم يترددوا في التسديد من الخارج، وهو ما سبب إزعاجًا كبيرًا للحارس.
5) الثبات النفسي
عندما سجلت مصر هدف التعادل، لم يسقط المنتخب الكويتي بدنيًا ولا ذهنيًا، بل عاد للقاء بثقة.
لحظة التعادل… ما الذي تغير؟
هدف مصر أعطى اللاعبين دفعة معنوية كبرى. ظهرت ملامح التناغم الهجومي لمدة قصيرة جدًا، كانت فيها مصر قادرة على التسجيل مرة أخرى. لكن المشكلة أن تلك الفورة الهجومية لم تستمر. الفريق عاد لأسلوبه المعتاد:
تمريرات بلا تهديد… ضغط متوسط… خوف غير مفهوم من فقدان الكرة.
الكويت، بالمقابل، شعر بأن المباراة يمكن أن تُخطف في أية لحظة، فزاد الضغط وارتفع الإيقاع البدني.
أخطاء المنتخب المصري… هل هي فردية أم منظومة كاملة؟
المشكلة ليست في لاعب بعينه، بل في المنظومة. هناك خلل واضح في:
• بناء اللعب
لا توجد طريقة واضحة للخروج بالكرة من الخلف، والتمريرات البطيئة تجعل الخصم يضغط بسهولة.
• غياب اللاعب القائد
كل منتخب يحتاج للاعب يصرخ ويصحح ويقود. في هذه المباراة، لم يكن هناك من يمسك بزمام الأمور.
• غياب الجرأة
منتخب مصر كان يلعب وكأنه خائف من الخطأ أكثر من رغبته في الفوز.
• تمريرات بلا هدف
امتلاك الكرة لا يعني الخطورة… المنتخب مرر كثيرًا لكن دون خلق فرص حقيقية.
• الأطراف بلا دور
لا جناح اخترق… لا ظهير صنع الفارق… لا عرضية واحدة صنعت تهديدًا حقيقيًا.
هل مشكلة منتخب مصر فنية أم بدنية؟
ظهر واضحًا أن الجانب البدني ليس على المستوى المطلوب. الكويت ركض أكثر، ضغط أفضل، وتحرك بسرعة أعلى. لكن الجانب الفني أيضًا يعاني:
لا توجد أنساق واضحة… التحولات بطيئة… اللاعبين يفتقدون للإبداع.
لذلك يمكن القول إن المشكلة «مزدوجة».
كيف نجح الكويت في تعطيل مصر؟
المنتخب الكويتي لم يدخل المباراة دفاعيًا كما توقع البعض، بل استخدم ثلاث أدوات:
1) إغلاق العمق
جعل مصر تلعب على الأطراف فقط، وهي منطقة لا يجيد فيها المنتخب المصري صناعة الفرص حاليًا.
2) الضغط على لاعب الارتكاز
منع مصر من بناء الهجمات بذكاء.
3) التحرك الهجومي خلف الظهيرين
أكبر نقطة ضعف لدى مصر في هذه المباراة كانت المساحات خلف الأظهرة، والكويت استغلها ببراعة.
من كان الأقرب للفوز؟
لو حكمنا بالعقل الفني، فالكويت كان أقرب للفوز في آخر ربع ساعة من المباراة.
لو حكمنا بالاستحواذ، فمصر كانت أقرب.
لكن لو حكمنا بالخطورة الحقيقية، فالفرص الكويتية كانت أخطر.
هل النتيجة عادلة؟
نعم، إلى حد كبير.
مصر كانت الأفضل في الاستحواذ، الكويت كانت الأفضل في الخطورة.
ماذا يعني هذا التعادل لمصر في المجموعة؟
التعادل في أول مباراة يجعل مشوار المنتخب المصري معقدًا قليلًا. في بطولات قصيرة مثل كأس العرب، البداية مهمة. التعادل يضع الفريق تحت ضغط في المباراة الثانية، ويجعل الفوز ضرورة لا رفاهية.
أي نتيجة غير الفوز في المباراة القادمة قد تضع مصر في سيناريو حسابات معقدة.
ماذا يعني للكويت؟
يعني الكثير.
الكويت خرجت مكسبًا فنيًا ومعنويًا. التعادل مع مصر يمنح الأزرق ثقة هائلة، ويجعل الفريق يدخل المباراة القادمة بروح عالية. كما يؤكد أن المنتخب قادر على المنافسة في البطولة، وليس مجرد مشارك شرفي.
التقييم الفردي والفاعلية داخل الملعب
◼ مصر
الوسط دفاعيًا كان جيدًا
الوسط هجوميًا ضعيف
الدفاع متذبذب
الهجوم بلا أنياب
الحارس تصدى لفرص خطيرة
الأطراف خارج الخدمة تقريبًا
◼ الكويت
حارس مميز
ضغط قوي
هجمات مرتدة ممتازة
تنظيم دفاعي متماسك
خط وسط لا يخاف من الاحتكاك
ماذا يجب على المنتخب المصري فعله قبل المباراة القادمة؟
• زيادة سرعة اللعب
البطء يقتل أي فرصة للتهديد.
• تعديل تمركز الأظهرة
لمنع المساحات خلفهم.
• إدخال لاعب هجومي جريء
الفريق يحتاج لمن يخلق فرصة من العدم.
• تحسين التحول الهجومي
المرتدات المصرية كانت بطيئة للغاية.
• التركيز الذهني
أي خطأ دفاعي سيكلف المنتخب الكثير في المباريات المقبلة.
هل يجب تغيير التشكيل؟
نعم.
هناك مراكز تحتاج لتعديل فوري، خصوصًا:
الطرف الأيمن
المهاجم
لاعب الارتكاز الثاني
المنتخب يحتاج للاعب سريع في الطرف قادر على خلق فرص، ومهاجم يعرف طريق المرمى، ولاعب ارتكاز يمرر للأمام بدلًا من التمرير الجانبي.
خلاصة تحليل المباراة
التعادل 1–1 بين مصر والكويت ليس نتيجة سيئة، لكنه ليس جيدًا أيضًا.
هو «نتيجة عادلة لكن غير مُرضية».
هي مباراة قدّمت لنا صورة حقيقية:
مصر تحتاج لعمل كبير قبل أن تطمح في المنافسة
الكويت يملك شخصية قوية وقادر على صناعة مفاجآت
المنتخبان قدما مباراة صعبة، لكن الأزرق كان أكثر جوعًا
هي مباراة ستبقى درسًا للفريقين…
مصر: «لا تلعب ببطء وإلا ستدفع الثمن»
الكويت: «الروح تصنع الفارق مهما كان اسم المنافس»