ارتفاع ضغط الدم الرئوي… المرض الصامت الذي يضغط على القلب ويهدد الحياة
✍️ كتب: عمرو فاروق
يُعد ارتفاع ضغط الدم الرئوي واحدًا من أخطر الأمراض القلبية التنفسية التي قد تصيب الإنسان دون أن يلاحظ في بدايته أي علامات واضحة. ورغم أنه غير شائع مقارنة بأمراض القلب الأخرى، إلا أن خطورته تكمن في صمته، وفي كونه مرضًا تدريجيًا يضع القلب تحت ضغط هائل قد يصل إلى القصور الكامل إذا لم يتم اكتشافه مبكرًا.
في هذا التحقيق، يقدم المفيد نيوز قراءة شاملة حول ارتفاع ضغط الدم الرئوي، أسبابه، أعراضه، طرق التشخيص، أحدث علاجاته، والعوامل التي تزيد خطر الإصابة به.
مقدمة: ما هو ارتفاع ضغط الدم الرئوي؟
ارتفاع ضغط الدم الرئوي هو حالة يرتفع فيها الضغط داخل الشرايين الرئوية التي تنقل الدم من القلب إلى الرئتين. ومع الوقت، تصبح هذه الشرايين ضيقة وصلبة، مما يجعل القلب يضخ الدم بقوة أكبر. النتيجة:
-
إرهاق عضلة القلب
-
تضخم البطين الأيمن
-
نقص وصول الأكسجين
-
اضطرابات تنفسية
-
وقد يصل الأمر إلى فشل القلب الرئوي
المرض قد يصيب الشباب وكبار السن، لكنه أكثر شيوعًا لدى النساء في منتصف العمر.
كيف يحدث ارتفاع ضغط الدم الرئوي؟
الأطباء يشيرون إلى أن المرض يبدأ بتغيرات دقيقة داخل بطانة الشرايين الرئوية:
-
تضيق الشريان
-
زيادة سُمك الجدار الداخلي
-
تليّف وتشوه مسار الدم
-
ارتفاع المقاومة داخل الرئة
-
ضغط إضافي على القلب
-
قصور تدريجي
هذه السلسلة تجعل المرض واحدًا من أعقد أمراض القلب التنفسية.
أنواع ارتفاع ضغط الدم الرئوي
1) ارتفاع ضغط الدم الرئوي الأولي (الوراثي)
لا يكون له سبب واضح، ويرتبط في بعض الحالات بالطفرات الجينية.
2) ارتفاع ضغط الدم الرئوي الثانوي
وينتج عن أمراض أخرى مثل:
-
أمراض القلب المزمنة
-
أمراض الرئة مثل الانسداد الرئوي
-
الجلطات الرئوية المتكررة
-
السمنة الشديدة
-
توقف التنفس أثناء النوم
-
أمراض المناعة مثل الذئبة والروماتويد
3) ارتفاع ضغط الدم الرئوي الناتج عن نقص الأكسجين
ويظهر عند:
-
المدخنين
-
مرضى الانسداد الرئوي المزمن
-
مرضى التليف الرئوي
من هم الأكثر عرضة للإصابة؟
-
مرضى القلب
-
مرضى الرئة
-
المصابون بالجلطات السابقة
-
مرضى المناعة
-
المدخنون
-
الأشخاص الذين يعيشون في مناطق مرتفعة
-
من يعانون سمنة شديدة
-
النساء أكثر من الرجال
الأعراض… كيف تكشف المرض قبل تطوره؟
أعراض ارتفاع ضغط الدم الرئوي غالبًا تتشابه مع أمراض أخرى، وهذا ما يجعله مخادعًا. لكن أبرز العلامات تشمل:
1) ضيق التنفس
عند صعود السلالم أو ممارسة نشاط بسيط.
من أهم العلامات وأكثرها شيوعًا.
2) الإرهاق الشديد
يشعر المريض أنه “لا يتحمل أقل مجهود”.
3) خفقان القلب
بسبب الضغط المستمر على البطين الأيمن.
4) دوخة أو إغماء
خاصة عند الوقوف أو بذل جهد.
5) ألم أو ضغط في الصدر
6) تورم الساقين والكاحلين
بسبب تراكم السوائل نتيجة ضعف القلب.
7) زُرقة الجلد أو الشفتين
علامة على نقص الأكسجين.
إذا ظهرت 3 من هذه الأعراض معًا، فهذه إشارة تستدعي زيارة الطبيب فورًا.
لماذا يتأخر تشخيص المرض؟
لأن أغلب المرضى يخلطون الأعراض مع:
-
الأنيميا
-
الإجهاد
-
قلة اللياقة
-
الربو
كما أن كثيرًا من الأطباء لا يشتبهون فيه إلا بعد استبعاد أمراض كثيرة، مما يؤخر التشخيص.
كيف يتم تشخيص ارتفاع ضغط الدم الرئوي؟
الطبيب يعتمد على سلسلة من الفحوصات:
1) أشعة الإيكو (الموجات الصوتية للقلب)
هي الفحص الأول للكشف عن تضخم البطين الأيمن وارتفاع الضغط.
2) تخطيط القلب
لمعرفة تأثير المرض على كهرباء القلب.
3) أشعة الصدر
تكشف شكل الرئتين وحجم القلب.
4) اختبار المشي 6 دقائق
لقياس تحمل الجسم للمجهود.
5) قسطرة الشريان الرئوي
وهو الفحص الذهبي لتحديد شدة المرض.
6) تحاليل المناعة والالتهابات
خصوصًا عند الاشتباه بأمراض مناعية.
المضاعفات… لماذا هو مرض يجب أخذه بجدية؟
ارتفاع ضغط الدم الرئوي قد يؤدي إلى:
-
تضخم شديد في القلب
-
فشل القلب الأيمن
-
نقص حاد في الأكسجين
-
جلطات رئوية
-
عدم انتظام ضربات القلب
-
الوفاة المفاجئة في الحالات المتقدمة
لذلك الاكتشاف المبكر يغيّر مستقبل المريض بالكامل.
العلاج… كيف يمكن السيطرة على المرض؟
العلاج يعتمد على السبب وشدة الحالة، وتشمل الخيارات:
1) أدوية موسعة للشرايين الرئوية
تساعد على خفض الضغط داخل الرئة.
2) أدوية تمنع التجلط
لتقليل خطر الجلطات الرئوية.
3) أدوية مدرّة للبول
لتقليل احتباس السوائل.
4) الأكسجين المنزلي
في الحالات التي تعاني نقصًا مزمنًا.
5) أدوية تثبط المناعة
إذا كان السبب مناعيًا مثل الذئبة.
6) إعادة تأهيل رئوي
وهو برنامج تدريبي يحسّن التنفس والقدرة على الحركة.
7) الجراحة أو زراعة الرئة
في الحالات الخطيرة جدًا.
هل يمكن الشفاء من ارتفاع ضغط الدم الرئوي؟
الشفاء الكامل صعب في الحالات الوراثية أو المزمنة، ولكن:
-
يمكن السيطرة على المرض
-
تقليل الأعراض
-
تحسين جودة الحياة
-
إبطاء تطور الحالة بشكل كبير
وهذا يعتمد على:
-
التشخيص المبكر
-
الالتزام بالعلاج
-
تجنب العوامل الخطرة
نمط الحياة… ما الذي يجب على المريض فعله؟
1) تجنب المجهود الشديد
لكن يُنصح بالمشي الخفيف.
2) الإقلاع عن التدخين
لأنه أخطر محفز للمرض.
3) تخفيف الوزن
لتقليل الضغط على القلب.
4) تناول غذاء خفيف الملح
5) الالتزام بالأدوية بشكل صارم
6) تجنب المرتفعات وصعود الجبال
لأن الأكسجين يقل في المناطق العالية.
7) تجنب السفر الطويل دون فترات راحة
ماذا عن الأطفال؟
نعم… يمكن أن يصيب الأطفال، خصوصًا من يعانون:
-
عيوبًا خلقية في القلب
-
مشكلات رئوية منذ الولادة
الاكتشاف المبكر ينقذ حياتهم.
هل يمكن للمرضى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي؟
نعم… في حال:
-
التشخيص المبكر
-
العلاج المستمر
-
المتابعة الدقيقة
كثير من المرضى يعيشون سنوات طويلة دون مضاعفات خطيرة إذا التزموا بالتعليمات.
الخلاصة
ارتفاع ضغط الدم الرئوي ليس مرضًا بسيطًا، لكنه أيضًا ليس حكمًا نهائيًا.
المفتاح الحقيقي هو الوعي المبكر، لأن اكتشاف المرض في مراحله الأولى يمنع تطور المضاعفات الخطيرة مثل فشل القلب ونقص الأكسجين.
إنه مرض يتطلب متابعة مستمرة، نمط حياة صحي، وعلاجًا مناسبًا… لكنه في المقابل يمنح المريض فرصة لحياة مستقرة إذا تَعامل معه بجدية.








