«من يدير غزة» – الفارق بين لجنة إدارة القطاع والقوة الدولية
✍️ كتب: داليا محمود
يتصاعد الجدل في الأوساط الفلسطينية والعربية حول من سيتولّى إدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، بين مقترح لـحركة حماس وحركة فتح بإنشاء «لجنة إدارة غزة» من جهة، ومشروع دولي لانتشار «قوة دولية في غزة» من جهة أخرى. فما الفرق بين هذين المقترحين؟ وما مآلاتهما؟
١. ما المقصود بـ«لجنة إدارة غزة»؟
تُشير لجنة إدارة غزة إلى هيئة تُشكّل فلسطينيًا، غالباً من «تكنوقراط» مستقلين أو كفاءات، لتولي إدارة شؤون القطاع – الخدمات، المساعدات، إعادة الإعمار، وربما مهام مدنية أخرى.
على سبيل المثال، أعلنت وسائل إعلام أن مصر طرحت تشكيل لجنة إدارية لغزة تضم 15 شخصاً من التكنوقراط الفلسطينيين، بموافقة أولية من الفصائل. :
تُفضّل السلطة الفلسطينية وحركة فتح أن يكون رئيس اللجنة وزيراً في الحكومة الفلسطينية باعتبارها جزءاً من الشرعية الوطنية، حفاظاً على العلاقة بين غزة والضفة الغربية، ومنعاً لأي «انفصال إداري» للقطاع.
٢. ما المقصود بـ«القوة الدولية في غزة»؟
المفهوم الثاني يتعلق بمقترح دولي أو أممي يهدف إلى نشر قوة متعددة الجنسيات أو إشراف دولي داخل غزة، ربما تحت مظلة الأمم المتحدة أو تحالف دولي، لتولي بعض المهام الأمنية أو الإشراف الانتقالي بعد الحرب.
وفق تقارير، فإن مشروع القرار الأميركي داخل مجلس الأمن يقضي بـ«تفويض شامل لتولي إدارة غزة وتأمينها حتى نهاية عام 2027، مع إمكانية التمديد لاحقاً».
٣. الفوارق الجوهرية بينهما
- المرجعية والشرعية: لجنة إدارة غزة تُبنى على المرجعية الفلسطينية، وتتطلع أن تكون بظل الحكومة الفلسطينية أو تحت إشرافها، بينما القوة الدولية تعني دخول فاعلين خارجيين يمكن أن يقلل من دور السلطة الفلسطينية أو يضعه تحت إشراف دولي مشترك.
- المهام والاختصاصات: لجنة الإدارة تركز غالباً على الإدارة المدنية وإعادة الإعمار، أما القوة الدولية فتنطوي على مهام أمنية أو إشراف أمني – مثل نزع سلاح الفصائل، تأمين الحدود والممرات، وإنفاذ القانون.
- المدة والفترة الانتقالية: اللجنة عادةً تُشَكّل كهيئة مؤقتة داخل الإطار الفلسطيني، أما القوة الدولية يُقترح أن تكون لفترة انتقالية محددة ثم تنسحب أو تُسلّم القيادة محلياً.
- ما بعد الحرب وتحوّلات السيطرة: المقترح الدولي يُعدّ كآلية ما بعد الحرب لتثبيت الاستقرار أو إعادة صياغة واقع غزة، بينما اللجنة تُمثل محاولة فلسطينية للحفاظ على السيطرة أو الشرعية الوطنية.
٤. التساؤلات والمخاطر المرتبطة بكل خيار
– فيما يتعلق بلجنة الإدارة: تُثار مخاوف من أن أي فصل إداري أو إنشاء كيان منفصل لغزة قد يُكرّس الانقسام الفلسطيني بين الضفة وغزة.
– فيما يتعلق بالقوة الدولية: يُعبّر بعض الفلسطينيين عن خشيتهم من أن تكون وصاية دولية أو قيادة خارجية تقلّل من دور الفلسطينيين وتُضعف الشرعية المحلية.
– أيضاً، الضبابيّة في تحديد سقف زمني، ونطاق الصلاحيات، والسيطرة الفعلية على الأرض، تُشكّل مصدر قلق في كلتا الحالتين.
٥. ما السيناريوهات المتوقعة؟
هناك عدّة سيناريوهات محتملة، منها:
- تشكيل لجنة إدارة فلسطينية بقيادة السلطة أو توافق وطني، دون تدخل أجنبي كبير.
- إطلاق قوة دولية مؤقتة تتولى مهاماً أمنية ثم تُسلم للجانب الفلسطيني تدريجياً.
- خيار هجين يجمع بين لجنة محلية تحت إشراف دولي أو مشاركة دولية خفيفة.
- تعطّل الاتفاق، مما يؤدي إلى استمرار الوضع الراهن أو تفاقم الانقسام والإدارة المزدوجة.
٦. لماذا الآن؟ وما الدافع؟
الحرب على غزة وما تبعها من دمار تتطلب إعادة بناء وإدارة عاجلة، وقد أصبح ملف إدارة القطاع محورياً في المفاوضات لـ«ما بعد الحرب». التحركات الأميركية وإطلاق مشاريع قرار في مجلس الأمن تؤكد أن الأطراف الدولية تُحضّر لخارطة ما بعد الصراع.
كما أن الفصائل الفلسطينية تحت ضغط داخلي وخارجي لتقديم حلول ملموسة للسكان والعالم، بينما تحاول إسرائيل وبعض الشركاء فرض ترتيبات تخدم أمنها.
٧. الخلاصة برسالة رئيسية
باختصار، اختيار ما بين لجنة إدارة غزة أو قوة دولية ليس فقط مسألة أسماء أو بنية إدارية، بل هو مفتاح لمستقبل شرعية النظام الفلسطيني، وحدة الأرض، دور الفصائل، والتحول الأمني لما بعد الحرب. القرار الذي يُتّخذ اليوم سيحدد شكل الإدارة، من يملك القرار، وكيف يُدار الملف الفلسطيني ــ الأمني، السياسي، والإنساني ــ في غزة والعلاقة مع الضفة. إنّ تجاهل هذا البعد قد يُعمق الانقسام ويُضعف طموح الفلسطينيين في دولة مستقلة.
انضموا إلينا في متابعة التطورات المرتبطة بهذا الملف الحيوي، فـ “من يدير غزة؟” ليس سؤالاً عابراً، بل أحد مفاتيح مستقبل فلسطين.

