يتجاهلك وهو يحبك.. كيف تفهم هذا السلوك المعقّد؟
✍️ كتب: حسام منصور
هل مررتَ يومًا بموقف تجد فيه شخصًا يظهر تجاهلاً واضحًا لك، رغم أنك تشعر في قرارة نفسك أنه يُكنّ لك مشاعر حقيقية؟! هذه المفارقة الغريبة — أن يتجاهلك وهو يحبك — تُعد من أكثر التصرفات المربكة التي تثير الحيرة في العلاقات الإنسانية، سواء كانت علاقة عاطفية أو صداقة أو حتى علاقة زمالة.
في هذا المقال من المفيد نيوز، سنكشف الأسباب النفسية والاجتماعية وراء هذا السلوك، وكيف يمكنك التعامل معه بطريقة ذكية دون أن تفقد احترامك لذاتك أو تُفسد العلاقة.
لماذا يتجاهلك وهو يحبك؟ الأسباب الخفية وراء السلوك
قد يبدو التجاهل في الظاهر علامة على البرود أو الرفض، لكنه في كثير من الأحيان يخفي مشاعر دفينة.
في علم النفس، يُعرف هذا النوع من السلوك بـ«التناقض العاطفي»، حيث يحاول الشخص إخفاء مشاعره لأسباب متعددة. إليك أبرزها:
1. الخوف من الرفض أو فقدان السيطرة
قد يخاف الشخص المحب من التعبير عن مشاعره بوضوح خشية أن يُقابل بالرفض، فيلجأ إلى التجاهل كوسيلة دفاعية ليحمي نفسه من الألم.
إنه نوع من “الدرع العاطفي” يحاول به الحفاظ على كرامته ومكانته أمامك.
2. اختبار مشاعرك
في بعض الحالات، يتجاهلك الشخص ليرى رد فعلك — هل ستسأل عنه؟ هل ستظهر اهتمامًا؟
يعتبر هذا نوعًا من «الاختبار النفسي» غير المعلن، يحاول من خلاله قياس مدى اهتمامك به دون أن يصرّح بمشاعره أولاً.
3. الكبرياء والعناد
هناك من يحب لكنه لا يستطيع التنازل عن كبريائه.
يعتقد أن التعبير عن الحب ضعف، فيختار التجاهل كطريقة غير مباشرة للحفاظ على صورة القوة والسيطرة أمامك.
4. مشاعر متضاربة وعدم نضج عاطفي
قد يكون الشخص واقعًا في صراع داخلي بين الحب والرغبة في الاستقلال، فيتصرّف بتناقض: يقترب حينًا ويبتعد حينًا آخر.
هذا السلوك غالبًا ما يصدر عن أشخاص غير ناضجين عاطفيًا أو لديهم خبرات سلبية سابقة جعلتهم حذرين في التعبير عن مشاعرهم.
علامات تدل أنه يحبك رغم تجاهله
من الصعب أحيانًا التمييز بين التجاهل الناتج عن الرفض، وذلك الناتج عن الحب المكبوت. إليك بعض الإشارات التي قد تساعدك على الفهم:
- ينظر إليك خلسة عندما لا تلاحظ.
- يتابع أخبارك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أنه لا يتفاعل علنًا.
- يحاول معرفة تفاصيل حياتك من أصدقائكما المشتركين.
- يتوتر أو يتلعثم عندما تتحدثان وجهًا لوجه.
- يُظهر الغيرة عندما تقترب من شخص آخر.
هذه العلامات تشير غالبًا إلى أن الشخص لا يستطيع كبح مشاعره بالكامل، رغم محاولاته الظاهرة للتجاهل.
كيف تتعامل مع من يتجاهلك وهو يحبك؟
التعامل مع شخص يحبك ويتجاهلك يتطلب مزيجًا من الحكمة والاتزان. إليك بعض الخطوات التي تساعدك على إدارة الموقف دون أن تفقد توازنك العاطفي:
1. لا تبادر بالمطاردة
التجاهل المتبادل قد يكون مؤلمًا، لكن مطاردة من يتجاهلك تجعلك في موقف ضعف.
احتفظ بهدوئك ودع الطرف الآخر يشعر بقيمتك. فالصمت أحيانًا أبلغ من ألف كلمة.
2. أرسل إشارات ذكية دون مبالغة
يمكنك إظهار بعض الاهتمام غير المباشر — مثل إلقاء التحية بلطف أو التفاعل المحدود عبر الإنترنت — دون أن تبدو متلهفًا.
هذه الإشارات قد تشجعه على كسر حاجز التجاهل تدريجيًا.
3. حدّد ما تستحقه
اسأل نفسك: هل هذا السلوك يناسبني؟ هل أستطيع التعامل مع شخص لا يُعبّر بوضوح عن مشاعره؟
في بعض الأحيان، يكون الانسحاب هو القرار الأذكى إذا كان التجاهل متكررًا ومتعمدًا.
4. افهم خلفية الشخص
هل ينسى الرجل أول حب؟ بين العلم والمشاعر
قبل أن تحكم عليه، حاول أن تفهم بيئته وتجربته السابقة. ربما يحمل جروحًا من علاقات سابقة تجعله مترددًا في الانفتاح من جديد.
ماذا يقول علم النفس عن تجاهل المحب؟
بحسب علم النفس الاجتماعي، فإن التجاهل في العلاقات لا يعني بالضرورة عدم الاهتمام، بل قد يكون ناتجًا عن القلق من الارتباط أو الخوف من الفقدان.
تُشير بعض الدراسات إلى أن الأشخاص الذين مرّوا بتجارب عاطفية قاسية يميلون إلى إخفاء مشاعرهم بشكل دفاعي، ما يجعلهم يظهرون باردين رغم حرارة مشاعرهم الداخلية.
وللمزيد حول التحليل النفسي لسلوكيات الحب، يمكنك قراءة مقالنا السابق بعنوان
لماذا نخاف من الراحة أكثر من التعب؟ التحليل النفسي وراء ثقافة الإنجاز.
هل من يتجاهلك يستحق الانتظار؟
السؤال الأهم هنا: هل هذا الشخص يستحق وقتك ومشاعرك؟
الإجابة تعتمد على مدى وعيه العاطفي واستعداده للتغيير. إن كان تجاهله عابرًا بدافع الخوف أو الحيرة، فقد يتبدّل الموقف مع مرور الوقت.
أما إذا كان التجاهل أسلوب حياة أو وسيلة للسيطرة، فالأفضل أن تضع حدًا لذلك وتحافظ على كرامتك.
تذكّر أن الحب الحقيقي لا يحتاج إلى أقنعة، وأن الوضوح في المشاعر هو أساس أي علاقة ناضجة وصحية.
خاتمة: الحب لا يُقاس بالتجاهل
في النهاية، أن يتجاهلك وهو يحبك ليس بالضرورة دليلاً على البرود، لكنه أيضًا ليس علامة حب صحية.
العلاقات الناجحة تقوم على التواصل الصادق والتعبير الواضح، لا على الغموض والألعاب النفسية.
ابقَ وفيًا لمشاعرك، ولكن أيضًا احمِ نفسك من التعلق بشخص لا يستطيع منحك الاهتمام الذي تستحقه.
وللمزيد من مقالات التحليل النفسي والعلاقات الإنسانية، يمكنك زيارة مقالنا المميز
شارك رأيك في التعليقات: هل مررت بتجربة مشابهة؟ وكيف تعاملت مع شخص أحبك ثم تجاهلك؟
تابعنا على المفيد نيوز لمزيد من المقالات المتميزة في عالم التوعية النفسية والعلاقات الإنسانية.








