ذاكرة التاريخ

«متاهة الإسكندرية» ولوج إلى عالم الذكريات فى شوارع الثغر

أصدرت دار الشروق مؤخرًا رواية «متاهة الإسكندرية» للكاتب علاء خالد، والتى يستكمل من خلالها مشروعه الأدبى عن مدينة الثغر، والذى بدأه بكتاب «وجوه سكندرية» عام ٢٠١٢، وألف بعد ذلك كتابًا فى أدب الرحلات تحت عنوان «أكتب إليك من بلد بعيد» عام ٢٠١٦.

 

لم يكن اختياره الإسكندرية على وجه الخصوص من فراغ، بل هناك عدة عوامل أولها أنه من مواليد الثغر، وهذا يعنى أنه يعرف المدينة جيدًا من حيث معالمها وملامحها بشكل عام.

 

واستطاع الكاتب أن يقدم تراث المدينة بطريقة ناجحة من خلال آلية استرجاع الذكريات، ووصفه الأماكن المختلفة كالشوارع والميادين والمقاهى والمطاعم والأسواق الشعبية والسينمات والمقابر والمتاحف وغيرها.

 

ويسعى علاء خالد للتنقيب فى متاهة الزمن، إذ استطاع من خلال هذا النص أن يشكل من خيوط السير المتقاطعة لأبطالها، مسارات متشابكة، تشبه «المتاهة»، بلا بداية ولا نهاية، ونجح فى تحويل المدينة إلى قطعة نسيج عتيقة، تتناثر عليها بقع من الصدأ، كل بقعة تخفى تحتها مصائر وحيوات تلاقت، ثم تفرقت، كساها مرور الزمن اللون الأصفر.

 

وكانت لغة علاء خالد الشعرية البديعة موجودة وبقوة وهو يسبح فى تفاصيل الإسكندرية، والتى أبدع المؤلف فى الكتابة عنها، بتوظيف تأملاته العميقة والوصول إلى مناطق مميزة فى الكتابة لتوصيل أفكاره، فالمكان بالنسبة له حياة خاصة، حيث استطاع أن يبعث فيه الروح ليتخيل القارئ وهو فى مكانه أنه متواجد به، وكان شاهدًا على موقف أو حدث ما.

 

بأسلوب بسيط ولغة حكى رائعة، نجح علاء خالد فى روايته أن تتداخل حياته الشخصية مع حكايته عن الإسكندرية، حيث يعرض فى هذا العمل أصداء من سيرته الذاتية، فضلًا عن أصداء من سيرة خاصة بأهله وأصدقائه وعدة شخصيات محيطة به، وربط بينهم وبين علاقتهم بالمكان، وهى الإسكندرية بكل تفاصيلها، مبانيها وشوارعها وطرقها وأسواقها وسينماتها ومقاهيها وغيرها.

 

وفى «متاهة الإسكندرية» يتحدث الراوى عن مجموعة من الأصدقاء والأقارب وهم مزيج من الفنانين والكتاب والأدباء، وعلاقتهم بالإسكندرية خلال الـ٥٠ سنة الماضية، وهى فترة زمنية حرجة جدًا فى تاريخ الثغر، وتاريخ مصر كله، وهى فترة السبعينيات والثمانينيات.

 

ويتشارك هؤلاء الفنانون فى حديثهم عن أفكارهم واهتماماتهم وتطلعاتهم وعلاقتهم بالمدينة والمتاهة الموجودة فيها، ومن ثم اكتشافها، ثم يتحرك علاء خالد بين الواقع والخيال، وبين أبطال روايته ووقائعهم، بحرية شديدة.

 

ويبدو أن علاء خالد لم يغفل أثناء كتابته هذه الرواية، فكرة الموت، فقد اقترب من المقابر وتعرف على الجاليات الأجنبية المختلفة التى كانت متواجدة فى فترتى السبعينيات والثمانينيات، ولم تتواجد الآن، وكانت المقابر بالنسبة له هى العلامة أو الدال على الشخص الغائب الذى لم يره أبدًا، وبذلك يكون قد سبح فى متاهة سير من خلال مقابرها بمحاذاة الموت، ربما بحثًا عن الحياة.

 

فى مقدمة «متاهة الإسكندرية» يقول علاء خالد: «قادك البحث فى الماضى لاكتشاف هذه المتاهة التى ترسم خريطة المدينة، وتروى حكايتها. لم تجد ما يوحد بين أبطال حكايتك الشخصية، وحكاية المدينة، سوى التيه، لتنفذ منه إلى قلب الماضى الحى».


طارق الشناوي يكتب: هل يجرؤ مبروك عطية على الإجابة؟

مصر تنعى السفير علاء رشدي

سحر الجعارة تكتب: الاختيار وذاكرة الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى