رئيس التحرير

محمود أبو السعود يكتب: هل زمن محفوظ عجب.. انتهي؟

e l m o f i d n e w s 1

 

بالطبع لا.. فالشخصية السيكوباتية التي توصف “محفوظ عجب” لن تختفي بين عشية وضحاها، تلك الشخصية المجسدة في الدراما التليفزيونية من الصعب اندثارها بسهولة، تلك الشخصية الكاريكاتيرية تتحول لشبح يغزو مؤسسات الدولة وتطارد دائما المبدعين وتشوه أحلامهم وتقضي على ما تبقى من أمل، قاعدة علمية كانت هي أروع ما كتب عن شخصية محفوظ عجب تؤكد أنها شخصية لا تموت رغم تغير المناخ الذي يحيط بها (شخصية محفوظ عجب لا تفنى ولا تستحدث من العدم) في الحقيقة قاعدة معبرة تمامًا عن الواقع الذي نعيشه مع تلك الشخصية في بقاع المحروسة، من منا لا يعرفه؟، وهو حي يرزق بيننا نقابله في الشارع يبتسم للجميع، نشاهده في العمل يسير وسط المكاتب ينتظر ليشاهد رئيسه المباشر ليصيح في الموظفين ده مال دولة لازم نحافظ عليه فيبتسم السيد المدير ويعجب بأدائه.

الشاب الريفي الذي حضر إلى المدينة ليشق طريقه بالانتهازية والتلون وصناعة الابتسامة، ومستعد تماماً لبيع مبادئه ودهس كل من يقف في طريقه حتى ولو كان اقرب الناس إليه، محفوظ عجب الذي جسدت له الدراما التليفزيونية مسلسل يحكي قصته ليصل المسلسل لحلقته الأخيرة ولكن يبقى محفوظ عجب في كل مؤسساتنا.. فمن منا ليس محفوظ عجب يا سادة يا كرام؟

محفوظ عجب كان يعشق الملكية ويتغنى بها حتى أنه باع زوجته حكمت فهمي وأبلغ عنها ووجه إليها تهمة الانضمام لحركة تعمل ضد الملك، ونال بها ثقة السرايا، ثم انتهت الملكية وجاء الضباط الاحرار وتغني بمبادئ الثورة وأصبح محفوظ من رجال الثورة حتى تم تعيينه في مركز مرموق بفضل تلونه وانتهازيته المفرطة.

والسؤال هنا.. هل زمن محفوظ عجب انتهى؟ سؤال صعب بالطبع ولكن الحقيقة أن معروفة لدينا جميعا محفوظ عجب سيرته محفوظة لدي قلوب المصريين محفورة في وجداَنهم، وهي في الحقيقة سيرة طيبة لدي الكثيرين فاستدعاءه سيرة محفوظ تتكرر يومياَ في كل ركن من أركان مصر، في العمل العام محفوظ عجب متواجد بشدة، في العمل، في الشارع، وللأسف ما زال محفوظ عجب متفوق حتى الآن وهو المفضل لدي الكثيرين من أصحاب السلطة والمال في العصر الذهبي الذي تزدهر فيه شخصية عجب.

السؤال الثاني.. ماذا لو اختفت شخصية محفوظ عجب؟ سؤال تخيلي.. هناك الكثير من المسؤولين لا يستطيعون الاستغناء عنه، كيف ومن يقوم بدوره الفعال من يطبل ومن يرقص على أنغام (هو اللي موكلنا هو اللي مشربنا هو).

السؤال بشكل آخر.. ماذا لو اختفى من يريد محفوظ عجب؟ الإجابة قد تكون صادمة للبعض لأنه في الحقيقة لا يوجد مسئول في مصر يستطيع الاستغناء عن شخصية مثل هذه وهو يعلم جيداً انه مستفيد من ورائه ولكن من يرعى عجب هو أيضاَ مستفيد، إذن من نحاكم؟ محفوظ عجب أم من يرعاه ويربيه داخل حظيرته؟

e l m o f i d n e w s 2

الحقيقة يا سادة مرة مرارة الصبر، وهي ان المتسلقين في هذا العصر هم من يملكون زمام الأمور فاختفي المهندس الناجح، والطبيب البارع والمعلم المخضرم، والموظف المثالي، حقاً لا يمكن تخيل هذا العصر بدون هذا الرجل لأن البيئة مهيأة تماما أن يترعرع وينمو فيها، ولذلك هم الآن كثر متواجدون في كل بقاع الأرض يحصدون ثمار نفاقهم وتسلقهم على حساب جهد وعرق شبابنا في مختلف المؤسسات.

مصر في حاجة شديدة أن نبحث عن شخصية عجب في كل مؤسسات الدولة ونخلعها من جذورها، بل ونبحث أيضا عن من يقف وراءها ويغذيها حتى نعطي الفرصة للشباب الناشئ والمبدع والذي يبحث في أروقة الدولة عن مكان ليس فيه محفوظ عجب، ولكن هيهات مصر كلها هذا الرجل.

سيرة عجب تحتاج أن نقف كثيرا أمامها لنسألها اما حان الوقت أن تندثري وتعطي الفرصة للكثير من الشباب الحالم بمستقبل مشرق وفرصة التواجد في الجهاز الإداري للدولة ويصحح حالة الترهل الإداري وينتهي عصر مقولة عدي علينا بكرة، علاوة على الروتين اليومي الذي اضحي بالمواطن المصري صريعاً بأمراض السكر والضغط وحالة من اليأس التي تنتابه وهو يقف امام موظف يقضي يومه بين الإفطار والحديث في التليفون والسير في طرقات وأدوار المصلحة الحكومية ليمر اليوم سريعاً حتى لا يصاب بالاكتئاب.

هذه الشخصية “السيكوباتية” التي تنتظر الفرصة لكي تقتل كل من يعترض طريقها لابد من الفضاء عليها قبل أن تتغلغل داخل المجتمع المصري، هذه الشخصية “الكاريكاتيرية” سيأتي عليها يوما وتتحول إلى شبح يحارب النجاح في كل مؤسسات الدولة عن طريق الانتهازية والتسلق والنفاق، وتدمر كل عمل يتحقق بالجهد والابداع، حاربوا محفوظ عجب قبل أن يقضي على أحلام الشباب، تخلصوا من سيرة رجل أضر بمستقبل أمة من أجل الحصول على مجد ليس من حقه.

e l m o f i d n e w s 5

وأخيراً لا تنسى أيها المسئول العاشق لشخصية عجب أنه في النهاية شخص متسلق انتهازي، ألقى بمديره في السجن ليتخلص منه ليجلس على كرسيه وهي رسالة واضحة لكل صاحب شركة أو مصنع أو مدير في مصلحة حكومية أن عجب الذي تسلق على جثث زملائه تخلص منك للجلوس على كرسيك، فحاذر من محفوظ عجب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى